الزمن، ما يفعله بنا وما نصنعه منه
الزمن ليس الساعات التي نقيسُ بها الوقت، وإنّما هو تجربتنا معه، شعورنا بهِ. لا يتناول سافرانسكي الزمن من منظور تأملي أو علمي، بل يقدم نوعاً من بيوغرافيا الزمن. إذ لا يمكن - برأيه - التفكير في الزمن إلا من خلال الحياة، وكتابه بهذا المعنى كتاب حول الحياة حول ما يفعله الزمن بنا وما نصنعه منه. فنحن بعيداً عن الساعات التي توهم بقياس موضوعي للزمن، نعيش الزمن في صور وسياقات مختلفة : نعيشه في المال وفي الهم وعند الاستغراق بأمر ما أو عند النظر إلى النهاية، وفي عصر السرعة المذهلة وفي عالم الاقتصاد المتسارع، وفي التوافق الزمني على صعيد الكوكب، ونعيشه في الموسيقى مقسماً بدقة، وفي اللعب فضفاضاً وممتلئاً. باختصار هي مقاربة تنطلق من حقيقة استحالة تجسيد الزمن موضوعياً، أي خارج أنفسنا، بل من خلال الإدراك الذي نمتلكه عبر تجاربنا الشخصية. ولذلك يُعلي سافرانسكي من شأن التجربة الزمنية ويحثنا على القبض من جديد عليه
من الكتاب: "من لا يعرف متعة البداية هذه: غرام جديد، عمل جديد، عام جديد، زمن جديد. في التاريخ يُسمَّى ما يبدأ من جديد ثورةً. وإذا كانت الثورات تُبدِّد رصيدها باستمرار، فإنها تبقى مع ذلك أسطورةَ لحظة ساطعة، يبدو فيها كما لو أن كل شيء يبدأ من جديد. اقتحام الباستيل 1789، الهجوم على قصر الشتاء 1917، تحطيم جدار برلين 1989. انقطاعات زمنية. تتمتع هذه اللحظات بشغف حالة نقطة الصفر، لعبة جديدة: إننا نبدأ جميعًا من جديد. ما الذي لا يمكن أن ينتج عن ذلك! ثمة بدايات كبيرة جدًا. قد يكون لقصة حبٍّ بداية، لا قدرة لها البتَّة على الاستمرارية. في مثل هذه الحالة تدوم القصة بالقدر الذي تحتمله قوة البداية، ومن ثمَّ تغدو نهايةُ البداية بدايةَ النهاية"
عدد الصفحات: 240